سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: رسائل مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة الخميس مارس 07, 2024 8:40 am | |
| رسائل مختصرة في الجهل والبدعة والتقليد سيف النصر علي عيسى مقدمة الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، نحمد سبحانه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. فقد سألني أحد الشباب عن الجهل والتقليد والبدعة، فأحببت أن أكتب عنهم بشيء مختصر يفي بالغرض لمن أراد أن يعرف الحق فيهم، من غير إطالة في التفصيل والأدلة، فشرعت في كتابة هذه الرسالة لعلها تجد آذنا صاغية وقلوبا واعية. وأسأل الله تعالى أن يشرح صدورنا للحق وأن يجنبنا البدع والجهل وأهلهما وأن يوفقنا إلى الاتباع نبذ التقليد إنه على كل شيء قدير. المبحث الأول الجهل أولا: معنى الجهل في اللغة: هو عدم العلم. ثانيا: أقسام الجهل: ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: الجهل البسيط: وهو عدم ادراك الشيء كلية، بمعنى عدم العلم بالشيء. مثل من يسأل عن اسم بلد معين أين تقع، أو عن فرائض الوضوء أو أركان البيع؟ فيقول: لا أدري. ومن ذلك جواب المفتي فيما لا يعلمه بقوله: لا أدري، أو لا أعلم. وهذا منهج السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم ذكر الخطيب البغدادي في" كتابه الفقيه والمتفقه"((ص:366- 370) ) بأسانيده: - قال علي رضي الله عنه: " يا بردها على الكبد إذا سئل الرجل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم " - قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " أيها الناس من علم منكم علما فليقل به , ومن لم يعلم , فيقول: لا أعلم , والله أعلم , فإن من علم المرء أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم , وقد قال الله تعالى: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾[ص: 86] - عن نافع , قال: جاء رجل إلى ابن عمر يسأله عن شيء , فقال: «لا علم لي بها» , ثم التفت بعد أن قفى الرجل فقال: " نعم ما قال ابن عمر سئل عما لا يعلم , فقال: لا أعلم " - عن عبد الله بن عمر , قال: " العلم ثلاثة: كتاب ناطق , وسنة ماضية , ولا أدري " - وعن عبد الرزاق , قال: كان مالك يذكر , قال: كان ابن عباس يقول: «إذا أخطأ العالم أن يقول لا أدري , فقد أصيبت مقاتله». - عن أحمد بن حنبل , نا محمد بن إدريس الشافعي , نا مالك بن أنس , قال: سمعت ابن عجلان , يقول: «إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله». - مالك بن أنس , أنه سمع عبد الله بن يزيد بن هرمز , يقول: " ينبغي للعالم أن يورث , جلساءه من بعده لا أدري , حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه , إذا سئل أحدهم عما لا يدري , قال: لا أدري ". - عن القاسم , قال: «لأن يعيش الرجل جاهلا خير له من أن يفتي بما لا يعلم» - عن أيوب , قال: سئل القاسم يوما عن مسألة , فقال: «لا أدري» , ثم قال: «ما كل ما تسألونا عنه نعلم , ولو علمنا ما كتمناكم , ولا حل لنا أن نكتمكم». - عن الشعبي , قال: " لا أدري: نصف العلم ". - قال الفضيل بن عياض: " سئل أيوب في هذا المسجد عن شيء , فقال: لا أدري , فقال له الرجل: دلني على من يدري , فقال أيوب: لا أدري , ولا أدري من يدري " - قال عبد الرحمن بن مهدي: سأل رجل من أهل المغرب مالك بن أنس عن مسألة , فقال: «لا أدري» , فقال: يا أبا عبد الله: تقول لا أدري؟ قال: «نعم , فبلغ من وراءك أني لا أدري». انتهى ما نقلناه باختصار. - وهذا الجهل ليس عيبا؛ إذ الأصل في الإنسان هو الجهل كما قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾[النحل: 78]. - ولذلك فرض الله العلم على الإنسان لإزالة الجهل عنه، فمن قصر فقد ارتكب إثما. قال صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" - ومن أحكام الجهل: التماس الأعذار لمن وقع في خطأ شرعي من غير علم، وأيضا إقامة الحجة على من أتى فعل كفر بتعليمه وتبيين الأمر له. روى أحمد في مسنده (21897) بسند صحيح عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حُنَيْنٍ، قَالَ: وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ، يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾[الأعراف: 138] إِنَّهَا السُّنَنُ، لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّةً ". ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم عليهم بالكفر. - ومن أحكامه: تعليم الجاهل ودعوته للحق ببيان ذلك. أخرج البخاري(5027) عَنْ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ". - ومن أحكام الجهل: أن الكفارات لا تسقط عن صاحبها وإن سقط الإثم. ودليل ذلك حديث الرجل الذي جامع زوجته في رمضان. - ومن أحكام الجهل: أن من صلى صلاة بنقص بعض فرائضها فإن صلاته تصح ولا يأثم. ودليله حديث المسيء صلاته. - ومن أحكام الجهل: أن حقوق العباد لا تسقط، فمن أفسد شيئا لآخر بجهل منه فإنه يضمنه؛ إلا أن يعفوا صاحبه. - ومن أحكام الجهل: أن لا يجوز استفتاء من لا يكون عالما وله حق الفتوى. ودليله حديث " ان الله لا يقبض العلم انتزاعا.... الحديث. - أسباب الجهل البسيط إذا عرفنا أن الجهل البسيط صفة لازمة للإنسان منذ ولادته ولازمة له طول عمره نسبيا مهما أوتي من العلم كما قال تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾[الإسراء: 85] فأعلم الناس بالله هم الأنبياء والرسل، ومع ذلك لا يعلمون كل شيء لأن الكمال لله تعالى. ولكن يعلمون كل شيء كلفوا به لتبليغه للناس. وباقي البشر مهما أوتوا من العلم فهم يجهلون الكثير. للجهل البسيط أسباب منها: 1- البيئة التي ينشأ فيها الإنسان 2- الإعراض عن العلم لفقدان الرغبة فيه 3- الانشغال بالدنيا وحاجات الدنيا 4- قصر العمر، فمهما اجتهد الإنسان في طلب العلم وتحصيله فلن يسعه الزمن إلى تحصيل كل شيء 5- التشويش على العلم والتنفير من طلبه 6- معادات أهل العلم لحسد أو حقد أو غرض ما
عدل سابقا من قبل سيف النصر علي عيسى في الخميس مارس 07, 2024 9:39 am عدل 1 مرات | |
|
سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: رد: رسائل مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة الخميس مارس 07, 2024 8:46 am | |
| رسائل في الجهل والتقليد والبدعة - أسباب الجهل البسيط إذا عرفنا أن الجهل البسيط صفة لازمة للإنسان منذ ولادته ولازمة له طول عمره نسبيا مهما أوتي من العلم كما قال تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾[الإسراء: 85] فأعلم الناس بالله هم الأنبياء والرسل، ومع ذلك لا يعلمون كل شيء لأن الكمال لله تعالى. ولكن يعلمون كل شيء كلفوا به لتبليغه للناس. وباقي البشر مهما أوتوا من العلم فهم يجهلون الكثير. للجهل البسيط أسباب منها: 1- البيئة التي ينشأ فيها الإنسان 2- الإعراض عن العلم لفقدان الرغبة فيه 3- الانشغال بالدنيا وحاجات الدنيا 4- قصر العمر، فمهما اجتهد الإنسان في طلب العلم وتحصيله فلن يسعه الزمن إلى تحصيل كل شيء 5- التشويش على العلم والتنفير من طلبه 6- معادات أهل العلم لحسد أو حقد أو غرض ما
القسم الثاني: الجهل المركب. - الجهل المركب: وهو أن يفهم الشخص الشيء فهما خاطئا ويظن أنه الحق. أو كما قيل عن صاحبه: رجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري - ويزيد ذلك بالجدال عنه، أما إذا لم يجادل عنه ويرجع إذا نبه على خطئه فهذا جهل بسيط. - فكل من يجادل بالباطل على شيء يظن أنه حق ولا يقبل حقا فهو جاهل جهلا مركبا. - ومن ذلك كان حال الأمم مع أنبيائهم وطعنهم فيهم ورد دعوتهم بحجة أن ما هم عليه أهدى سبيلا قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾[النساء: 51]. - وهذا الجهل الذي ذمه الله تعالى في كتابه وذمه أصحابه. فقال تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾[الأعراف: 138]؛ تفهمون العبادة فهما خاطئا وتظنون أنه الحق. وقال تعالى: ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾[آل عمران: 154]. - ومن مضار هذا الجهل: أن البدع عامة تدخل تحته؛ إذ أن صاحب البدعة يظن أن ما يقوله أو يفعله حق. - ومن مضار هذا الجهل: إضلال الناس بفتاوى باطلة كما جاء في جاء في صحيح البخاري (100) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا». - ومن مضار الجهل المركب: أن صاحبه يصيبه الكبر فيصده عن الخضوع للحق ومراجعة نفسه إلا من رحم ربي. - ومن مضار الجهل المركب التعالم؛ فيظن صاحبه أن على علم وهو جاهل. فإذا ما رأى الحق يغضب ويرده، كأتباع هذه الجماعات التي تنافح عنها بالباطل وعن قادتها. - ومن مضار الجهل المركب أن صاحبه يبغض أهل السنة ويميل إلى أهل البدعة. - ومن مضار الجهل المركب سوء الخلق والأدب في التعامل مع المخالف، ولو كانوا أهل علم ويستصغر الكبير لأنه يخالف هواه، ويكبر الصغير لأنه يوافق ما هو عليه. - ومن مضار الجهل المركب أنه يفهم الدليل بحسب هواه لا بحسب مراد الله ورسوله. - ومن مضار الجهل المركب أن صاحبه يبحث عن الأدلة التي توافق هواه ومعتقدته وتنصر رأيه. - ومن مضار الجهل المركب الحقد والحسد على المخالف. - ومن مضار الجهل المركب الصدود عن تعلم العلم الصحيح؛ لأنه مخالف لما هو عليه فلا يريد أن يظهر بمظهر المخطئ أو الجاهل. - هذا الصنف موجود بكثر على مواقع التواصل الاجتماعي فاحذره. - كيفية التعامل مع مثل هؤلاء هو تركهم وعدم الجدال معهم؛ فهم حمقى، والأحمق يمرض قلبك ويضيع وقتك ويذهب بصحتك. وإذا وجدت فيك صفة مما ذكرنا فحاول تجنبها وتواضع لربك. روى بن عبد البر: عن هارون بن رئاب قال: كان ابن مسعود يقول: «اغد عالما أو متعلما ولا تغد فيما بين ذلك، فإنما بين ذلك جاهل أو جهل، وإن الملائكة تبسط أجنحتها لرجل، غدا يطلب العلم من الرضا بما يصنع»(جامع بيان العلم وفضله (1/ 144). )
| |
|
سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: رد: رسائل مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة الخميس مارس 07, 2024 8:55 am | |
| رسائل في الجهل والتقليد والبدعة ثالثا: من قواعد تتعلق بالجهل لا تكليف إلا بمعلوم وهذه القاعدة لا توجب على أحد فعل شيء إلا بعد العلم به، فالأحكام الشرعية من واجب ومندوب ومحرم ومكروه ومباح هي أحكام لابد وأن تثبت بالكتاب والسنة، ولابد للمكلف وهو المسلم البالغ العاقل أن يعلمها. فإذا لم يعلمها فيسقط الاثم عنه سواء في فعلها إذا كانت محرمة، أو يسقط الإثم عنه في تركها إذا كانت واجبة. لكن في حقوق الخلق فلا يسقط شيء بالجهل؛ بل لابد من ضمان من أتلفه نتيجة جهله كذلك في الكفارات لا تسقط بالجهل مثل كفارة اليمين وكفارة الظهار والجماع في نهار رمضان وقتل الخطأ. كل هذا عليه أن يؤديه متى علمه. رابعا: صفات أصحاب الجهل المركب: الصفة الأولى: يَظن أنه على علم وكأنه نابغة الزمان وهذه تشمل قطاع عريض من الناس، وهم من يسمون بالهمج الرعاع قال الله تعالى عنه: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[الأعراف: 187] وقال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾[الأنعام: 111] وقال تعالى: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾[الأنبياء: 24]. وقال تعالى: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾[العنكبوت: 63] قال ابن عبد البر: وروي عن علي رضي الله عنه قال: «الناس ثلاث، فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة، والباقي همج رعاع أتباع كل ناعق».( جامع بيان العلم وفضله (1/ 145).) وما أكثر هؤلاء على مواقع التواصل والمديا فاحذرهم. الصفة الثاني: أن يُصر على رأيه أيّاً كان. وهذا من البلاء فإذا رأيت الرجل يصر على قوله ورأيه ولو كان خطأ فاعلم أنه جاهل، منعه من قبول نقد قوله ورأي الآخرين بعلم الكبر فصده عن سبيل الحق فهذا لا تلتفت إليه. الصفة الثالثة: الخنفشاري وهو أن يُدلي بدلوه في كل شأن. فتجد يصدر أحكاما في أي شيء سياسة اقتصاد فقه عقيدة تجارة زراعة أي شيء هو له رأي فيه من غير علم ولا دراية. يحكى أن رجلا كان مولعا بحب التعالم، فكان لا يُسأل سؤالا إلا أجاب عنه، ولا يُثار موضوع إلا دلا فيه بدلوه. فقال أصحابه يوما: والله إن هذا الرجل إما عالم حقا أو أنه يستغل جهلنا، فاتفقوا أن يذكر كلٌّ منهم حرفا ويسألوه عن معنى الكلمة الناتجة، فنتجت كلمة " خنفشار ". فلمّا قدم عليهم قالوا: يا أبا فلان، بحثنا عن معنى الخنفشار فلم نجد جوابا، قال: وصلتم، الخنفشار نبات يزرع في أرض اليمن يدهن به ضرع الناقة فيحبس اللبن، قال الشاعر: لقد عقدت محبتكم فؤادي * * * كما عقد الحليبَ الخنفشارُ وقالصلى الله عليه وسلم .. فهبَّ إليه أصحابه وأسكتوه وقالوا: يا عدوّ نفسه، كذبت على لسان العرب وتريد أن تكذب على رسول الله؟ .. وما أكثر هؤلاء في وسائل الإعلام يلبسون ثوب العلماء ويفتون في كل شيء ويتبجحون بالباطل طمعا في فتات من المال. فإذا رأيت الرجل يتدخل في كل حديث يفتي فيه قبل أن يوجه إليه سؤال فاعلم أنه جاهل. الصفة الرابعة: لا يحترم أحدا فلا يعرف للعالم حقه، ولا يوقر كبيرا ولا يحترم صغيرا. فهو يعتد برأيه ولا رأى سوى ما يرى، وإذا عورض غضب وثار وعادى أهل العلم والفضل، وداهن أهل الفسق والضلال إذا وافقوه، كثير الغيبة والنميمة والحقد والحسد. يتجنب أهل العلم والفضل حتى لا يكشفوا حقيقته. الصفة الخامسة: العطية في غير موضعها فهو فقط يسعى لإشباع رغبته في المدح والثناء، فيبذل جهده وماله لمن يمدحه ولمن يعلي من شأنه ولو بالنفاق. الصفة السادسة: الثقة في كل أحد يمدحه ولو بالباطل، وعدم الثقة في كل من ينصحه، فهولا يعرف صديقه من عدوه. الصفة السابعة: لا يؤتمن على سر، فكل ما يشبع فضوله يفعله ولو بإفشاء أسرار الآخرين. خامسا: بعض من أقوال أهل العلم في ذم الجهل وأهله قال بعض الحكماء: العقل أفضل مرجو، والجهل أنكى عدو. وقال بعض الأدباء: صديق كل امرئ عقله وعدوه جهله. وقال بعض البلغاء: خير المواهب العقل، وشر المصائب الجهل. قال بزر جمهر: الجهل في القلب كالنز في الأرض، يفسد ما حوله. وقال الخليل بن أحمد: يرتع الجهل بين الحياء والكبر في العلم. وقال بعض الحكماء: من لم يحتمل ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا. وقال بعض البلغاء: من الجهل صحبة ذوي الجهل، ومن المحال مجادلة ذوي المحال. وقال ابن حزم: غاظني أهل الجهل مرتين من عمري: أحدهما: بكلامهم فيما لا يحسنونه أيام جهلي. والثاني: بسكوتهم عن الكلام بحضرتي فهم أبداً ساكتون عما ينفعهم ناطقون فيما يضرهم. وسرني أهل الْعِلْم مرتين من عمري: أحدهما: بتعليمي أيام جهلي والثاني: بمذاكرتي أيام عملي.اهـ( الأخلاق والسير لابن حزم الأندلسي (1 / 68).) وقال أبو هلال العسكري: قال أبو هلال: ولو أن الجاهل بين نقيصة الجهل من نفسه لفزع إلى التعلم ولكنه كآكل الثوم، لا يشم من نفسه منه، وإنما يشمه غيره ويتأذى به سواه، والفضيحة بالجهل عظيمة، والغبن به كثير لو عرفه الجاهل ولا يرضى بالجهل إلا من هانت عليه نفسه فلا يبالي أن يهجى ويستخلف به ويسخر منه وأدنى حقه منه ذلك، ومن أكرمة إلا عند ضرورة فقد وضع الإكرام في غيره موضعه.اهـ(الحث على طلب العلم للعسكري (1 / 90). ) | |
|
سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: رد: رسائل مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة الخميس مارس 07, 2024 9:22 am | |
| المبحث الثاني التقليد أولا: معناه لغة: من القلادة التي توضع في عنق الدابة لتمنع حركتها خارج إرادة صاحبها. ثانيا: معناه اصطلاحا: هو قبول قول الغير من غير معرفة دليله. وأيضا: هو قبول فهم الغير للدليل من غير فهم لكيفية الاستدلال. ثالثا: توضيح معاني التقليد - فالأول: أن يقرأ لعالم عن حكم شرعي أو يسمع له، قال له يجوز أو لا يجوز، واجب أو مستحب أو حرام أو مكروه فأخذ بقوله واعتقده لثقته في قائله، أو لموافقته هواه من غير معرفة الدليل الذي بنى عليه العالم الكلام. - والثاني: زيادة على ما تقدم أن يسمع من العالم أو يقرأ له حكما شرعيا واستدلاله بدليل أو أكثر، لكن لا يفهم كيف استدل العالم بهذا الدليل؛ لأن المتلقي ليس عنده الآلة التي يفهم بها كيف استدل العالم بهذا الدليل. فمثلا لو سمع من عالم أن من ترك الجهاد وبذل المال له فقد ألقى بنفسه في التهلكة واستدل بقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾[البقرة: 195]. فهو يأخذ بهذا القول وهذا الدليل؛ لكن لو سأله سائل: وما علاقة هذا الدليل بترك الجهاد والجهاد في ازهاق أرواح وقتل نفوس وضياع أموال وتيم أطفال وترمل نساء؟ فهنا يقع إما أن يعترف بجهله، وإما أن يعاند ويدخل في الجهل المركب. وإذا تفطن لهذا ورجع إلى الآية من أولها ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾[البقرة: 195] تحير أكثر فأكثر وقال في نفسه: وما علاقة النفقة بالتهلكة والجهاد بالتهلكة. لكن لما نرجع إلى التفاسير لفهم الآيات وفهم السلف نجد الآتي: قال أبو أيوب: سبحان الله! أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر دينه، قلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله عز وجل:" وأنفقوا في سبيل الله" الآية. والإلقاء باليد إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. وروي مثله عن حذيفة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك. قال حذيفة بن اليمان وابن عباس وعكرمة وعطاء ومجاهد وجمهور الناس: المعنى لا تلقوا بأيديكم بأن تتركوا النفقة في سبيل الله وتخافوا العيلة، فيقول الرجل: ليس عندي ما أنفقه. وإلى هذا المعنى ذهب البخاري إذ لم يذكر غيره، والله أعلم. قال ابن عباس: أنفق في سبيل الله، وإن لم يكن لك إلا سهم أو مشقص، ولا يقولن أحدكم: لا أجد شيئا. ونحوه عن السدي: أنفق ولو عقالا، ولا تلقي بيدك إلى التهلكة فتقول: ليس عندي شيء. ـ( تفسير القرطبي (2/ 362).). ومن نظر في سباق الآية ولحاقها علم أن النفقة على الجهاد والحج للقادر على ذلك فرض واجب ومن ترك ذلك فقد عرض نفسه لغضب الله وسخطه وتسلط الأعداء عليه وهذه هي الهلكة الحقيقية. فليس معنى أنك علمت دليل العالم صرت متبعا وليس مقلدا؛ بل لا زلت في واقع في التقليد حتى تفهم كيف استدل عالمك بهذا الدليل.
رابعا: التقليد مذموم ومنهي عنه قال الامام أبو عمر ابن عبد البر: باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع. قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾[التوبة: 31]. - وروي عن حذيفة وغيره، قال «لم يعبدوهم من دون الله ولكن أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم». - وقال عدي بن حاتم: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب فقال لي: «يا عدي بن حاتم: ألق هذا الوثن من عنقك». وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾[التوبة: 31] قال: قلت: يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا، قال: «بلى، أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه، ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه؟» فقلت: بلى، قال: «تلك عبادتهم»( حسن لغيره: أخرجه الترمذي(3095) ). وقال عز وجل ﴿وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم﴾[الزخرف: 24] فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا: ﴿إنا بما أرسلتم به كافرون﴾[سبأ: 34] وفي هؤلاء ومثلهم قال الله عز وجل: ﴿إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون﴾[الأنفال: 22] وقال: ﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم﴾ وقال الله عز وجل عائبا لأهل الكفر وذاما لهم: ﴿ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين﴾ [الأنبياء: 52] وقال ﴿إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا﴾[الأحزاب: 67] ومثل هذا في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء. قال أبو عمر: وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أؤلئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر وقلد آخر فأذنب وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الآثام فيه، وقال الله عز وجل ﴿وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون﴾[التوبة: 115] وقد ثبت الاحتجاج بما قدمنا في الباب قبل هذا وفي ثبوته إبطال التقليد أيضا، فإذا بطل التقليد بكل ما ذكرنا وجب التسليم للأصول التي يجب التسليم لها وهي الكتاب والسنة أو ما كان في معناهما بدليل جامع بين ذلك "( جامع بيان العلم وفضله (ص/ 977).)
| |
|
سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: رد: رسائل مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة الخميس مارس 07, 2024 9:26 am | |
| تابع رسائل في الجهل والتقليد والبدعة خامسا: الناس في التقليد قسمان: القسم الأول: عالم أو طالب علم. وهذا يحرم عليه التقليد ابتداء؛ لأنه يستطيع أن يبحث ويفهم الدليل وفق ما معه من علوم الآلة. فمن تهاون فقد وقع في الإثم. لكن متى يجوز للعالم وطالب العلم التقليد؟ يجوز لهما التقليد في الاستفتاء في حادثة عاجلة لا تحتمل التأجيل لما يترتب عليه من ضرر فهنا عليه أن يقلد عالما لأن دفع أكبر الضررين بأخفهما واجب. وعليه أن يبحث بعدها فإذا تبين خطأ من قلده فليرجع عنه وليخبر من أفتاه بذلك إن استطاع، وإذا تبين صوابه ثبت على ما هو عليه. القسم الثاني: عوام الناس، وهم الذين يفتقدون علوم الآلة وفهم الدليل كما ينبغي وليست لديهم القدرة على البحث والتعلم فهنا عليهم أن يقلدوا عالما مشهورا بعلمه موثوق فيه. ولا يلجأ إلى أي أحد دون دراية بل عليه أولا أن يسأل عن عالم كما جاء في حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، فلم يسأل الناس عن حاله؛ بل سأل عن عالم يستفتيه في حاله. قال ابن عبد البر: «البر ما اطمأنت إليه النفس»( ضعيف: أخرجه الدارمي (2575) من حديث وابصة وفي سنده انقطاع. لكن معناه صحيح)«والإثم ما حاك في الصدر» ـ( صحيح: أخرجه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان.) «فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ـ( صحيح: أخرجه الترمذي (2518) بسند صحيح من حديث الحسن بن علي.) هذا حال من لا ينعم النظر ولا يحسنه وهو حال العامة التي يجوز لها التقليد فيما نزل بها وأفتاها بذلك علماؤها، وأما المفتون فغير جائز عند أحد ممن ذكرنا قوله لأحد أن يفتي ولا يقضي إلا حتى يتبين له وجه ما يفتي به من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو ما كان في معنى هذه الأوجه " اهـ ـ( جامع بيان العلم وفضله (ص/ 903).) - وقال رحمه الله: وهذا كله لغير العامة فإن العامة لا بد لها من تقليد علمائها عند النازلة تنزل بها لأنها لا تتبين موقع الحجة ولا تصل بعدم الفهم إلى علم ذلك لأن العلم درجات لا سبيل منها إلى أعلاها إلا بنيل أسفلها وهذا هو الحائل بين العامة وبين طلب الحجة والله أعلم. ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها، وأنهم المرادون بقول الله, عز وجل: ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾[النحل: 43] وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بميزه بالقبلة إذا أشكلت عليه، فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به لا بد من تقليد عالمه، وكذلك لم يختلف العلماء أن العامة لا يجوز لها الفتيا, وذلك -والله أعلم- لجهلها بالمعاني التي منها يجوز التحليل والتحريم والقول في العلم، وقد نظمت في التقليد وموضعه أبياتا رجوت في ذلك جزيل الأجر لما علمت أن من الناس من يسرع إليه حفظ المنظوم ويتعذر عليه المنثور، وهي من قصيدة لي: يا سائلي عن موضع التقليد خذ.. عني الجواب بفهم لب حاضر واصغ إلى قولي ودن بنصيحتي.. واحفظ علي بوادري ونوادري لا فرق بين مقلد وبهيمة .. تنقاد بين جنادل ودعائر تبا لقاضٍ أو لمفتٍ لا يرى .. عللا ومعنى للمقال السائر فإذا اقتديت فالبكتاب وسنة.. المـ ـبعوث بالدين الحنيف الطاهر ثم الصحابة عند عدمك سنة.. فأولئك أهل نهى وأهل بصائر وكذاك إجماع الذين يلونهم.. من تابعيهم كابرا عن كابر إجماع أمتنا وقول نبينا مثل .. النصوص لذي الكتاب الزاهر وكذا المدينة حجة إن .. أجمعوا متتابعين أوائلا بآواخر وإذا الخلاف أتى فدونك .. فاجتهد ومع الدليل فمل بفهم وافر وعلى الأصول فقس فروعك.. لا تقس فرعا بفرع كالجهول الحائر والشر ما فيه فديتك أسوة.. فانظر ولا تحفل بزلة ماهر. (جامع بيان العلم وفضله - مؤسسة الريان (2/ 230). ) سادسا: حكم من قلد شخصا المقلد جاهل بما قلد فيه باتفاق؛ فمن قلد عالما في مسألة فلا يحق له أن يفتي بتقليده، لأنه جاهل ولا يجوز الكلام في دين الله تعالى إلا بعلم. فمن أفتى بما قلد فيه فقد أثم لذلك. وأما من عارض وناظر وجادل بتقليده فهو ضال، فقد انتقل من الجهل البسيط إلى الجهل المركب. لذا يجب عن من يقلد أن يمسك لسانه عن الكلام والفتوى في دين الله تعالى وعليه أن يحيل المستفتي إلى عالم يثق فيه والدين النصيحة. سابعا: الفرق بين ناقل الفتوى والمفتي بها ناقل الفتوى ينقل عمن شيخ ثقة فيجب أن يكون أمينا في النقل عارفا بمراد العالم الذي أفتى فينقل الفتوى كما هي دون تلاعب فيها ولو بالغمز أو حركة تغير مراد الشيخ فيها، وغير جازم بصحتها؛ لأنه لا يعلم ذلك. وأما المفتي بها فهو لا يذكر شيخا بل يباشر الفتوى بها مباشرة، وهذا هو الخطأ. | |
|
سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: رد: رسائل مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة الخميس مارس 07, 2024 9:39 am | |
| رسائل في الجهل والتقليد والبدعة المبحث الثالث البدعة أولا: تعريف البدعة1- تعريفها لغة: اختراع شيء على غير مثال سابق. 2- تعريف البدعة اصطلاحا: اختلفت أقوال أهل العلم في تعريف البدعة، وكلها تصب في معنى واحد: - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما البدعة الشرعية فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي. اهـ( اقتضاء الصراط " (ص 276).) - وقال رحمه الله: البدعة هي الدين الذي لم يأمر الله به ورسوله فمن دان دينا لم يأمر الله ورسوله به فهو مبتدع بذلك وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾[ الشورى: 21]. اهـ( الاستقامة (1 / 5).) - قال الشاطبي: البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية. اهـ( الاعتصام (1/ 28).) - وقال الحافظ ابن حجر: هي اعتقاد ما أحدث على خلاف المعروف من النبي صلى الله عليه وسلم لا بمعاندة بل بنوع شبهة ( نزهة النظر شرح نخبة الفكر ص46.). - وقال السخاوي: هي ما أحدث على غير مثال متقدم فيشمل المحمود والمذموم، و لكنها خصت شرعا بالمذموم مما هو خلاف المعروف. اهـ( فتح المغيث (1/326).) ومن هذه التعريفات يتبين الفرق بين البدعة والمخالفة الشرعية: فالبدعة هي إحداث فعل أو قول لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بنية القربة لله تعالى به. وأيضا يشمل عمل أو قول مباح باعتباره سنة أو واجب شرعي. وأما المخالفة: فهي فعل أو قول ما ثبت النهي عنه مع اعتقاد مخالفته.ثانيا: تحريم الابتداع في الدين 1- القرآن وحرصا على الحفاظ على الدين كما أنزله الله تعالى فقد حرم الله عزوجل إحداث شيء فيه لم يأذن به الله تعالى في غير ما آية: - قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[الشورى: 21] قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: يخبر تعالى أن المشركين اتخذوا شركاء يوالونهم ويشتركون هم وإياهم في الكفر وأعماله، من شياطين الإنس، الدعاة إلى الكفر:﴿شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ من الشرك والبدع، وتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله ونحو ذلك مما اقتضته أهواؤهم. مع أن الدين لا يكون إلا ما شرعه الله تعالى، ليدين به العباد ويتقربوا به إليه، فالأصل الحجر على كل أحد أن يشرع شيئا ما جاء عن الله وعن رسوله، فكيف بهؤلاء الفسقة المشتركين هم وآباؤهم على الكفر. - قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾[القصص: 50]. فالمتبعون لعواطفهم وأهوائهم المحكمون لها، لابد وأن يكونوا نابذين لهدي الله المتمثل في الكتاب والسنة، واللذين يشتملان على قواعد هذا الدين وأصوله والتي من ضمنها تحريم الابتداع في الدين والإحداث فيه، وتحريم الغلو بشتى مظاهره وأشكاله، وتحريم الشرك بمختلف صوره وألوانه. ولذلك حكم الله بضلالهم وغوايتهم وبعداهم عن الصراط المستقيم. فحري بأمثال هؤلاء أن يقلعوا عن غيهم، وأن يتحكموا في عواطفهم كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.اهـ (تفسير السعدي (ص 757). ) 2- السنة وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الابتداع: - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد) متفق عليه. ( البخاري(2697)، ومسلم(1718)) وعند مسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»رواه مسلم( مسلم (1718)) - عن العرباض بن سارية قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا فقال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة». رواه أبوداود والترمذي(صحيح: أخرجه الدرامي (96) وأحمد(17144) وابن ماجة(46) والترمذي(2676) وأبو داود (4607). ) قال الشيخ السعدي في شرح منظومة القواعد الفقهية: الأصل في العبادات التحريم. فلا يجوز للإنسان أن يتعبد لله - عز وجل - بعبادة، إلا إذا ورد دليل من الشارع بكون تلك العبادة مشروعة. ولا يجوز لنا أن نخترع عبادات جديدة، ونتعبد الله - عز وجل - بها، سواءً عبادة جديدة في أصلها، ليست مشروعة، أو نبتدع صفة في العبادة ليست واردة في الشرع، أو نخصص العبادة بزمان أو مكان. كل هذا من البدع المحرمة في الشريعة، ودليل تحريم البدع، وعدم جواز التعبد -عبادة الله - عز وجل - بها- قوله سبحانه: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾[آل عمران:31] فالأصل الاتباع. وقوله -جل وعلا-: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[الأعراف: 158]، وقوله سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ وقوله - عز وجل -: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ . فالتشريع حق خاص بالله - عز وجل - ويدل على ذلك - من السنة- حديث عائشة الصحيح: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد " وفي رواية: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد » وفي حديث العرباض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة »كما في النسائي. إذا تقرر ذلك، فإن هذه القاعدة قاعدة عظيمة، تحصل بها حماية الشريعة من التحريف والتبديل. فإنه لو قيل بجواز اختراع عبادات جديدة، لكان ذلك وسيلة إلى تبديل الشريعة، ووسيلة إلى وصف الشريعة بكونها ناقصة، وأننا نأتي نكملها ونزيد فيها، ووسيلة إلى الطعن في كون النبي صلى الله عليه وسلم خاتما للأنبياء والرسل. | |
|
سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: رد: رسائل مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة الخميس مارس 07, 2024 1:14 pm | |
| تابع رسالة مختصرة في الجهل والتقليد والبدعة سيف النصر علي عيسى
ثالثا: خطورة البدعة لا شك كما ذكرنا أن البدعة هي تبديل الدين بدين لم يكن ولم يشرعه الله تعالى، ولذلك كان أول حدوث الشرك وترك التوحيد هي بدعة الغلو في الصالحين مما أدى. إلى عبادتهم من دون الله تعالى. كما حدث في قوم نوح حيث قال الله تعالى عنهم: ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾[نوح: 23]. عن محمد بن قيس قال: كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صَوَرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم. فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر، فعبدوهم. ( انظر تفسير ابن كثير (8 /ص 235).) قال تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾[المائدة: 103] قال ابن كثير: عن سعيد بن المسيَّب قال: "البحيرة": التي يُمْنَعُ درّها للطواغيت، فلا يَحْلبها أحد من الناس. و"السائبة": كانوا يسيبونَها لآلهتهم، لا يحمل عليها شيء - قال: وقال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت عمْرَو بن عامر الخزاعي يجُرّ قُصْبَه في النار، كان أول من سيب السوائب"- و"الوصيلة": الناقة البكر، تُبَكّر في أول نتاج الإبل، ثم تُثَنّي بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم، إن وصلت إحْدَاهما بالأخرى ليس بينهما ذكَر. و"الحام": فحل الإبل يَضربُ الضرّابَ المعدود، فإذا قضى ضرابه وَدَعُوه للطواغيت، وأعفوه عن الحَمْل، فلم يُحْمَل عليه شيء، وسَمّوه الحامي. ( تفسير ابن كثير (3 /ص 208).)
رابعا: أقسام البدعة من حيث حكمها تنقسم البدعة إلى قسمين: القسم الأول: بدعة كفرية. وهي ما يكون فعلها أو قولها كفرا. - مثل: بدعة الطواف حول القبور والأضرحة لطلب الاستغاثة والمدد منهم. - ومثل بدعة السجود أمام عتبات القبور والأضرحة كما يفعلها الصوفية والروافض. - ومثل بدعة إنكار الصفات كما أحدثها الجهمية. - ومثل بدعة تشبيه الله تعالى بخلقه كما فعلها المشبهة. - ومثل بدعة القول بخلق القرآن. - ومثل بدعة الرجعة عند الروافض، مثل بدعة تأليه على بن أبي طالب عند النصيرية. وغيرها من البدع الكفرية. والقسم الثاني: بدعة مفسقة. وهي سائر البدع التي هي دون الكفر سواء كانت في العبادات أو في المعاملات أو في العقائد. - مثل بدع نفي بعض الصفات، وبدع المرجئة وبدع الخوارج والشيعة غير الغالية، وبدع المعتزلة غير الغالية. - وكثير من بدع الصوفية في العبادات سواء كان بزيادة أو نقصان. خامسا: تقسيم البدعة من حيث نوعها: تنقسم البدعة إلى قسمين: القسم الأول: بدعة في الدين: وهي ما ذكرناها. القسم الثاني: بدعة دنيوية: وهي الأشياء التي استحدثت لمصالح الناس في الدنيا مثل تقسيم الدولة إلى مؤسسات ووزارات، ومثل الصناعات المختلفة، واستحداث طرق الزراعة والتجارة وغير ذلك. فكل هذه الأشياء الأصل فيها الإباحة. ما لم تتعلق بحكم شرعي: فإن تعلقت بواجب كانت واجبة مثل تقسيم البلاد لمؤسسات ووزارات وهيئات لتسهيل مصالح الناس وعدم احداث فوضى. ومثل صناعة الأسلحة الحديث وتنظيم الجيوش وصناعة وسائل المواصلات المختلفة وصناعة الأدوية ونحو ذلك. وقد تكون محرمة ك مثل صناعة الأسلحة الفتاكة التي تميز بين ظالم ومظلوم، مؤمن وكافر. ومثل صناعة الأشياء التي تفسد الأخلاق والدين وغير ذلك.
سادسا: من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في نبذ البدع والابتداع في الدين. الموقف الأول: بناء المساجد على القبور. روى مسلم (1209) عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة - فيها تصاوير - لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ». إن مثل هذه البدعة التي اخترعها النصارى نتيجة الغلو في الصالحين، دب فيهم الشرك بالله تعالى، فكان استحسان مثل هذا الشيء وسيلة إلى تحريف دين الله تعالى والانحراف عن عقيدة التوحيد، ولذا ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ليحذرهم مما فعلوا كما ورد في الحديث الآخر من حديث رواه مسلم (1215) عن عائشة وعبد الله بن عباس قالا لما نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: « لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ». يحذر مثل ما صنعوا. الموقف الثاني: الإشارة إلى بدعة عمرو بن لحي وهي مثل ما فعل اليهود والنصارى في مسألة الغلو في الصالحين إلا أنه اخترع البحيرة والسائبة من عنده كما مر قريبا ذكر قصته. قال تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾[المائدة: 103]. روى البخاري (4623) عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: " البَحِيرَةُ: الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ، فَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ: كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ " قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ» وَالوَصِيلَةُ: النَّاقَةُ البِكْرُ، تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبِلِ، ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى، وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ، إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ، وَالحَامِ: فَحْلُ الإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ المَعْدُودَ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَأَعْفَوْهُ مِنَ الحَمْلِ، فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَسَمَّوْهُ الحَامِيَ " - وروى ابن جرير الطبري في تفسيره بسند حسن: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عُرِضت عليَّ النار، فرأيت فيها عمرو بن فلان بن فلان بن خندف يجرّ قصْبه في النار، وهو أوّل من غيَّر دين إبراهيم، وسيب السائبة، وأشبه من رأيت به أكثم بن الجون! فقال أكثم: يا رسول الله، أيضرني شبهه؟ قال:" لا لأنك مُسلم، وإنه كافر"(تفسير ابن جرير (11/ 118). ) سابعا: من مواقف الصحابة مع البدعة(أنظر كتاب البدع والنهي عنها لابن وضاح. ) - عن الأعمش قال: حدثني مروان بن سويد الأسدي قال: خرجت مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من مكة إلى المدينة، فلما أصبحنا صلى بنا الغداة، ثم رأى الناس يذهبون مذهبا فقال: أين يذهب هؤلاء؟ قيل: يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هم يأتون يصلون فيه، فقال: إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم فيتخذونها كنائس وبيعا، من أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل، ومن لا فليمض، ولا يعتمدها. - عن الأسود بن هلال، قال: كان رجل يقص فأتي ابن مسعود فقيل له فجاء فجلس في القوم، فلما سمع ما يقولون قام فقال: ألا تسمعون؟ فلما نظروا إليه قال: تعلمون أنكم لأهدى من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أو أنكم لمتمسكون بطرف ضلالة. - عن عبد الله بن أبي الهذيل العنزي قال: كنا جلوسا مع عبد الله بن خباب بن الأرت وهو يقول: سبحوا كذا وكذا، واحمدوا كذا وكذا، وكبروا كذا وكذا. قال: فمر خباب فنظر إليه ثم أرسل إليه فدعاه، فأخذ السوط فجعل يضرب رأسه به وهو يقول: يا أبتاه، فيم تضربني؟ فقال: مع العمالقة، هذا قرن الشيطان قد طلع، أو قد بزغ. - عن عقبة بن جرير قال سمعت ابن عمر وجاء رجل قاص فجلس في مجلسه، فقال له ابن عمر: قم من مجلسنا، فأبى أن يقوم، فأرسل ابن عمر إلى صاحب الشرطة: أقم القاص، قال: فبعث إليه فأقامه. - عن معاذ بن جبل، قال: تكون فتنة يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن، حتى يقرأه المؤمن، والمنافق، والرجل، والمرأة، والصغير، والكبير، فيقرأه الرجل سرا فلا يتبع، فيقول: ما أتبع، فوالله لأقرأنه علانية، فيقرأه علانية فلا يتبع، فيتخذ مسجدا ويبتدع كلاما ليس من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإياكم وإياه ؛ فإنها بدعة ضلالة، وإياكم وإياه ؛ فإنها بدعة ضلالة، فإياكم وإياه ؛ فإنها بدعة ضلالة ثلاثا.
ثامنا: هل كل من وقع في البدعة صار مبتدعا؟. كثير من الجهلة من الناس من يخلط بين البدعة ومن يعمل بها أو يعتقدها، فبمجرد أن يفعل الرجل بدعة يصفونه بالمبتدع، وهذا خطأ واضح لكل ذي علم. فكما أن القاعدة: ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه. فكذلك ليس كل من وقع في البدعة وقعت البدعة عليه. فلعل من وقع في البدعة يكون جاهلا بها، أو متأولا أو فهم فهما خاطئا. ولذلك لم يصف العلماء أحدا بالبدعة بمجرد الوقوع فيها، وإنما بالدعوة إليها والإصرار عليها والمولاة والمعاداة فيها ورفض معرفة الحق. ولا يجوز لأحد أن يحكم على شخص بالبدعة بمجرد أن سمع شيخا يقول ذلك. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وكتبه سيف النصر علي عيسى
| |
|