القاعدة الأولى
العلم أساس الاعتقاد والعمل
فلا تعرف العقيدة الصحيحة إلا بالعلم، ولا تعرف العبادة الصحيحة إلا بالعلم، ولا تعرف المعاملة الصحيحة إلا بالعلم. فصار العلم مقدما على القول والعمل.
قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) ﴾[العلق:1- 5].
وقال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾[محمد:19].
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر:28].
وقال تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[الزمر:9].
وقال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[الأنبياء: 7].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾[البقرة: 247]
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾[الإسراء: 107]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم »(أخرجه كثير من أهل العلم في كتبهم عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري وغيرهما وحسنه بعضهم )
وعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة»( أخرجه مسلم (26) )
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن مثل ما بعثني الله به عز وجل من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منه طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»(أخرجه مسلم (2282) )
وعن أبي الدّرداء- رضي اللّه عنه- قال: إنّه قدم عليه رجل من المدينة وهو بدمشق. فقال: ما أقدمك يا أخي؟ فقال: حديث بلغني أنّك تحدّثه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. قال: أما جئت لحاجة؟ قال: لا.
قال: ما قدمت لتجارة؟ قال: لا. قال: ما جئت إلّا في طلب هذا الحديث؟ قال: فإنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّه له طريقا إلى الجنّة، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإنّ العالم ليستغفر له من في السّماوات ومن في الأرض حتّى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب. إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يوّرّثوا دينارا ولا درهما إنّما ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظّ وافر»( أخرجه الترمذي (2682) واللفظ له وصححه بعض أهل العلم)
قال الإمام البغوي رحمه الله:
العلوم الشرعية قسمان: علم الأصول، وعلم الفروع.
أما علم الأصول: فهو معرفة الله سبحانه وتعالى بالوحدانية، والصفات، وتصديق الرسل، فعلى كل مكلف معرفته، ولا يسع فيه التقليد لظهور آياته، ووضوح دلائله، قال الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ﴾[مُحَمَّد: 19]، وقال الله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾[فصلت: 53]
وأما علم الفروع: فهو علم الفقه، ومعرفة أحكام الدين، فينقسم إلى فرض عين، وفرض كفاية، أما فرض العين، فمثل علم الطهارة والصلاة والصوم، فعلى كل مكلف معرفته، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «طلب العلم فريضة على كل مسلم».
وكذلك كل عبادة أوجبها الشرع على كل واحد، فعليه معرفة علمها، مثل علم الزكاة إن كان له مال، وعلم الحج إن وجب عليه.
وأما فرض الكفاية، فهو أن يتعلم ما يبلغ به رتبة الاجتهاد، ودرجة الفتيا، فإذا قعد أهل بلد عن تعلمه، عصوا جميعا، وإذا قام واحد منهم بتعلمه، فتعلمه، سقط الفرض عن الآخرين، وعليهم تقليده فيما يعن لهم من الحوادث، قال الله ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[النَّحْل: 43].(شرح السنة للبغوي (1/ 289، 290). )
- لا تكليف إلا بمعلوم.
- يعذر الإنسان بجهله في الأحكام الشرعية، ولا يعذر بتكاسله عن طلب العلم.