سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: الوحي ومعناه الخميس مارس 07, 2024 2:49 pm | |
| الوحي ومعناه إمكانية الوحي ووقوعه: معنى الوحي: يقال: وحيت إليه وأوحيت: إذا كلَّمته بما تخفيه عن غيره، والوحي: الإشارة السريعة، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد، وبإشارة ببعض الجوارح. والوحي مصدر، ومادة الكلمة تدل على معنيين أصليين، هما: الخفاء والسرعة، ولذا قيل في معناه: الإعلام الخفي السريع الخاص بمن يوجَّه إليه بحيث يخفى على غيره، وهذا والوحي بمعناه اللغوي يتناول: 1- الإلهام الفطري للإنسان، كالوحي إلى أُم موسى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} 1.. 2- والإلهام الغريزي للحيوان، كالوحي إلى النحل {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} 1. 3- والإشارة السريعة على سبيل الرمز والإيحاء كإيحاء زكريا فيما حكاه القرآن عنه: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} 2.. 4- ووسوسة الشيطان وتزيينه الشر في نفس الإنسان: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} 3، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} 4.. 5- وما يُلقيه الله إلى ملائكته من أمر ليفعلوه: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} ولغة القرآن الفاشية "أوحى" بالألف -ولم يستعمل مصدرها- وإنما جاء فيه مصدر الثلاثي: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} 6.. والوحي بالمعنى المصدري اصطلاحًا: هو إعلام الله تعالى مَن يصطفيه من عباده ما أراد من هداية بطريقة خفية سريعة. كيفية وحي الله إلى ملائكته: 1- جاء في القرآن الكريم ما ينص على كلام الله لملائكته: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} 1. وعلى إيحائه إليهم: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} 2. وعلى قيامهم بتدبير شئون الكون حسب أمره: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} 3، {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} 4. وهذه النصوص متآزرة تدل على أن الله يُكَلِّمُ الملائكة دون واسطة بكلام يفهمونه.
2- وثبت أن القرآن الكريم كُتِبَ في اللَّوح المحفوظ لقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ, فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} كما ثبت إنزاله جملة إلى بيت العزة من السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 3، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} 4، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} 5.. وفي السٌّنَّة ما يوضح هذا النزول، ويدل على أنه غير النزول الذي كان على قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعن ابن عباس موقوفًا: "أُنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القدر، ثم أُنزل بعد ذلك بعشرين سنة ثم قرأ : {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} 6، {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} 7، 8، وفي رواية: "فُصِلَ القرآن من الذكر فوُضِعَ في بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به على النبي, صلى الله عليه وسلم" 9. ولذلك ذهب العلماء في كيفية وحي الله إلى جبريل بالقرآن إلى المذاهب الآتية: أ- أن جبريل تلقفه سماعًا من الله بلفظه المخصوص. ب- أن جبريل حفظه من اللَّوح المحفوظ. جـ- أن جبريل أُلقي إليه المعنى - والألفاظ لجبريل، أو لمحمد, صلى الله عليه وسلم. والرأي الأول هو الصواب، وهو ما عليه أهل السٌّنَّة والجماعة، فالقرآن الكريم كلام الله بألفاظه لا كلام جبريل أو محمد. أما الرأي الثاني فلا اعتبار له، إذ إن ثبوت القرآن في اللَّّوح المحفوظ كثبوت سائر المغيبات التي لا يخرج القرآن عن أن يكون من جملتها. والرأي الثالث أنسب بالسٌّنَّة لأنها وحي من الله أُوحي إلى جبريل، ثم إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- بالمعنى، فعبَّر عنه رسول الله بعبارته: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى, إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} 4.. ولذا جازت رواية السٌّنَّة بالمعنى لعارف بما لا يحيل المعاني دون القرآن.. فمن خصائص القرآن: 1- أنه مُعْجِز. 2- قطعي الثبوت. 3- يُتَعَبَّدُ بتلاوته. 4- ويجب أداؤه بلفظه، والحديث القدسي -على القول بنزول لفظه- ليس كذلك.
كيفية وحي الله إلى رسله يوحي الله إلى رسله بواسطة وبغير واسطة. فالأول: بواسطة جبريل مَلك الوحي وسيأتي بيانه. والثاني: هو الذي لا واسطة فيه. أ- منه الرؤيا الصالحة في المنام: ب- ومنه الكلام الإلهي من وراء حجاب بدون واسطة يقظة، وهو ثابت لموسى عليه السلام {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} 5، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول: لا تخلو كيفية وحي المَلَكِ إلى الرسول من إحدى حالتين: الحالة الأولى: وهي أشد على الرسول، أن يأتيه مثل صلصلة الجرس، والصوت القوي يثير عوامل الانتباه فتُهَيَّأ النفس بكل قواها لقبول أثره، والحالة الثانية: أن يتمثل له المَلَكُ رجلًا ويأتيه في صورة بشر، وهذه الحالة أخف من سابقتها، حيث يكون التناسب بين المتكلم والسامع، والحالتان هما القسم الثالث من أقسام التكليم الإلهي المشار إليه في الآية: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ 1- إِلَّا وَحْيًا 2- أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ 3- أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} 2.. أما النفث في الرُّوع -أي القلب- فقد ذُكِرَ في قول الرسول, صلى الله عليه وسلم: "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجمِلوا في الطلب"
شُبَهُ الجاحدين على الوحي: وقد حرص الجاهليون قديمًا وحديثًا على إثارة الشُّبَهِ في الوحي عتوًّا واستكبارًا، وهي شُبَهٌ واهية مردودة. 1- زعموا أن القرآن الكريم من عند محمد صلى الله عليه وسلم ابتكر معانيه، وصاغ أسلوبه، وليس وحيًا يُوحَى. 2- وزعم الجاهليون قديمًا وحديثًا أنه عليه الصلاة والسلام كان له من حدة الذكاء، ونفاذ البصيرة، وقوة الفراسة، وشدة الفطنة، وصفاء النفس، وصدق التأمل، ما يجعله يدرك مقاييس الخير والشر، والحق والباطل، بالإلهام، ويتعرف على خفايا الأمور بالكشف والوحي النفسي، ولا يخرج القرآن عن أن يكون أثرًا للاستنباط العقلي، والإدراك الوجداني عبر عنه محمد بأسلوبه وبيانه. 3- وزعم الجاهليون قديمًا وحديثًا أن محمدًا قد تلقى العلوم القرآنية على يد معلم | |
|