سيف النصر علي عيسى مدير عام
نقاط : 446 تاريخ التسجيل : 24/12/2009
| موضوع: أحكام الزواج في الإسلام الخميس أبريل 16, 2015 7:04 am | |
| أحكام الزواج الكاتب : سيف النصر علي عيسى الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد لما كان الزواج من سنن الله الكونية التي يسير عليها كل البشر ، لذا جهل الكثير من الناس أحكام الزواج ، وهل هو واجب أو مستحب أو محرم أو مكروه أو مباح ، وكيف يعرف الإنسان حكم الزواج بالنسبة له حتى يسير على بينة من أمره لذا ارتأينا في هذا المقال أن نلقي الضوء على ما يتعلق بحكم الزواج في الإسلام ، وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد إنه على كل شيء قدير . أولا : حكم الزواج إذا كان الزواج في الأصل مشروعا فإن مدى مشروعيته تختلف باختلاف أحوال الناس فيه ومن هنا وقع الخلاف بين فقهاء الإسلام([1]) نذكر هنا ما ترجح لدينا باختصار ،: القسم الأول : رجل عنده القدرة على الزواج ويخشى على نفسه الوقوع في الزنا ، وعنده الرغبة الملحة على الجماع ، فهذه يجب عليه الزواج ؛ لأن ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ولا يحصن نفسه إلا بالزواج . أضف إلى ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما تقدم في الأحاديث ، ونهيه عن التبتل كما فعل مع عثمان بن مظعون قال ابن قدامة : من يخاف على نفسه الوقوع في المحظور إن ترك النكاح ؛ فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام ؛ وطريقه النكاح . اهـ([2]) القسم الثاني : رجل عنده القدرة على الزواج وتاقت نفسه إليه وشغله فكره عن طاعات أو مندوبات فهذا يستحب له الزواج . فما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب . قال الإمام ابن قدامة المقدسي : من يستحب له : وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في المحظور ؛ فهذا الاشتغال به أولى من التخلي لنوافل العبادة . وهو قول أصحاب الرأي ، وهو ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم وفعلهم ، قال ابن مسعود : لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوما ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة وقال ابن عباس لسعيد بن جبير : تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء وقال إبراهيم بن ميسرة : قال لي طاوس : لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد : ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور قال أحمد ـ في رواية المروذي ـ : ليست العزبة من أمر الإسلام في شيء وقال : من دعاك التزويج فقد دعاك الإسلام ، ولو تزوج بشر كان قد أتم أمره . اهـ([3]) القسم الثالث : رجل عنده القدرة على الزواج لكن ليس له القدرة على معاشرة النساء ، ويكون ذلك إهدارا لحق المرأة ، فهذا يحرم عليه الزواج إلا من امرأة ليس لها في شؤون الجماع والوقاع وقد رضيت به . القسم الرابع : رجل عنده القدرة على الزواج ولكن يخشى من إهدار حق المرأة معه لأسباب ، ككثرة أسفار ، أو مرض ، وغير ذلك فهذا يكره في حقه الزواج . القسم الخامس : رجل ليس عنده القدرة على الزواج ماليا ، لكن نفسه تتوق إليه ، فها هنا عليه بالصوم أو ما يخفف من شهوته كالرياضة وطلب العلم ونحو ذلك . وعلى هذه الأحكام يدور كلام أهل العلم قديما وحديثا . ولكن من العلماء من ذهب إلى أنه مندوب مطلقا ؛ لأنه من سنن المرسلين ومن سنة خيرهم صلى الله عليه وسلم . وهم جمهور أهل العلم ومنهم من ذهب إلى وجوبه مطلقا كما عند الظاهرية ورواية عن الإمام أحمد . ولكن الحق في المسألة ما ذكرناه . قال ابن رشد في " بداية المجتهد " : وسبب اختلافهم هل تحمل صيغة الأمر به في قوله تعالى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ }([النساء: 3] وفي قوله عليه الصلاة والسلام : تناكحوا فإني مكاثر بكم الأمم . وما أشبه ذلك من الأخبار الواردة في ذلك على الوجوب أم على الندب أم على الإباحة ! فأما من قال إنه في حق بعض الناس واجب وفي حق بعضهم مندوب إليه وفي حق بعضهم مباح فهو التفات إلى المصلحة ، وهذا النوع من القياس هو الذي يسمى المرسل ، وهو الذي ليس له أصل معين يستند إليه وقد أنكره كثير من العلماء والظاهر من مذهب مالك القول به . أ ـ هـ([4]) وقال ابن جزي الغرناطي في " القوانين الفقهية " : والنكاح على الجملة مندوب ، وأوجبه الظاهرية . وعلى التفصيل ينقسم خمسة أقسام : واجب : وهو لمن قدر عليه بالمال وخاف على نفسه الزنا . ومستحب : وهو لمن قدر عليه ولم يخف على نفسه الزنا وحرام : وهو لمن لم يقدر ولم يخف ومكروه : وهو لمن لم يخف الزنا وخاف أن لا يقوم بحقوقه ومباح : وهو ما عدا ذلك . أ ـ هـ([5]) ثانيا : هل يجوز ترك الزواج للتفرغ للعبادة وطلب العلم ؟ اختلف العلماء في ذلك : فمذهب أبي حنيفة وأصحابه : ترك الزواج والتخلي للعبادة أفضل من الزواج . وهو قول للشافعي رحمه الله . ومذهب الجمهور : أن الزواج أفضل من نوافل العبادة . وهو الراجح : 1 ـ روى البخاري (5063) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ! فلما أخبروا ، كأنهم تقالوها فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟!! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني 2 ـ لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن مظعون في تركه روى البخاري (5074) عن سعد بن أبي وقاص قال : رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا والتبتل : هو ترك الزواج والانقطاع للعبادة . قال النووي في شرح مسلم : قال العلماء : التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله , وأصل التبتل : القطع , ومنه مريم البتول , وفاطمة البتول ; لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة في الآخرة , ومنه : صدقة بتلة , أي : منقطعة عن تصرف مالكها . قال الطبري : التبتل : هو ترك لذات الدنيا وشهواتها , والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ لعبادته . وقوله : ( رد عليه التبتل ) معناه : نهاه عنه , وهذا عند أصحابنا محمول على من تاقت نفسه إلى النكاح , ووجد مؤنه كما سبق إيضاحه , وعلى من أضر به التبتل بالعبادات الكثيرة الشاقة . أما الإعراض عن الشهوات واللذات من غير إضرار بنفسه ولا تفويت حق لزوجة ولا غيرها , ففضيلة للمنع منها , بل مأمور به . وأما قوله : ( لو أذن له لاختصينا ) فمعناه : لو أذن له في الانقطاع عن النساء وغيرهن من ملاذ الدنيا لاختصينا ; لدفع شهوة النساء , ليمكنا التبتل , وهذا محمول على أنهم كانوا يظنون جواز الاختصاء باجتهادهم , ولم يكن ظنهم هذا موافقا , فإن الاختصاء في الآدمي حرام صغيرا كان أو كبيرا , قال البغوي : وكذا يحرم خصاء كل حيوان لا يؤكل , وأما المأكول فيجوز خصاؤه في صغره , ويحرم في كبره . والله أعلم . أ ـ هـ ([6]) 3 ـ أن الزواج فيه حفظ النسل ، وحفظ النسل واجب فلا يقدم عليه نوافل العبادة 4 ـ الزواج فيه حفظ الفرج وغض البصر وهما من الواجبات 5 ـ لو كان التخلي للنوافل أفضل من النكاح لكان أولى بذلك سيد البشر صلى الله عليه وسلم . وكذلك كبار أصحابه الكرام وجميعهم رضي الله عنهم ؛ حيث لم يثبت عن واحد منهم فعل ذلك .
(1) انظر تفصيل الخلاف في كتاب : أحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة ، للدكتور عمر سليمان الأشقر ص20 ، دار النشر : مكتبة النفائس . الأردن . عمان . الطبعة الأولى . عام 1418هـ ، 1997م (2) المغني لابن قدامة المقدسي الحنبلي (7/4) (3) المصدر السايق (7/4) (4) بداية المجتهد (2/25) (5) القوانين الفقهية لابن جزي الغرناطي المالكي ص 130 (6) شرح مسلم للنووي (9/176 ، 177) | |
|