الأدلة التي بها يعرف الحكم الشرعي
سيف النصر علي عيسى
الأدلة نوعان:
1ـ نقلية:
وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، وشرع من قبلنا.
وسميت (نقلية) لأنها راجعة إلى النقل ليس للعقل شيء في إثباتها.
2ـ عقلية:
وهي: القياس، والمصلحة المرسلة، والعرف، والاستصحاب.
وسميت (عقلية) لأن مردها إلى النظر والرأي وإن لم تستقل بها العقول.
والأدلة هي البيان لشريعة الإسلام.
* مرجع جميع الأدلة إلى القرآن:
تقدم أن العقل لا يستقل بإثبات الأحكام وأن مرجع ذلك إلى الوحي، والوحي ما أوحى الله تعالى به إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وهو: الكتاب والسنة، وإنما علمنا أن السنة وحي بدلالة القرآن، وأمرنا باتباعها بأمر القرآن، فعاد أمرها إلى القرآن، وسائر الأدلة دونها ما اتفق عليه الناس وما اختلفوا فيه عائد اعتباره إلى الكتاب والسنة، فالإجماع لا يتصور من غير الاستدلال له من الكتاب والسنة، والقياس لا يتم إلا بدليل من الكتاب والسنة، وسائر الأدلة ليس فيها ما يمكن تصحيح الاستدلال به إلا بالكتاب والسنة، وحيث كان مرجع أمر السنة إلى القرآن، فقد صح أن مرجع جميع أدلة الأحكام إلى القرآن.
* ترتيب الأدلة:
إذا كان مرجع جميع الأدلة إلى (القرآن) فوجب ضرورة أن يكون أولها في الرجوع إليه لاستفادة الأحكام، ولما كانت (السنة) مبينة له وهي الدليل الثاني المتفق على الاستدلال به لعودها إلى مسمى (الوحي) فهي التالية للقرآن في ترتيب الاستدلال، وجدير أن تكون سائر الأدلة في الترتيب تعود إلى قوة اتصالها بالوحيين، فـ (الإجماع) لا يعود تقريره إلى نظر، وعمدته على النص فهو ألصق من سائر الأدلة بالوحي، ثم يأتي ترتيب الأدلة النظرية وعلى رأسها (القياس) فهو أظهرها من جهة اتصاله بالوحي.
فمن كان لديه علم بهذه الأدلة وكيفية الاستدلال به وآلة الاستدلال بها فله أن يقول : واجب ومندوب ومستحب وفرض ومباح وحرام ومكروه .
ومن ليس لديه دراية بهذا فلا يجوز له أن يقحم نفسه في ما ليس له بعلم فيقع في قوله تعالى : ومن لم يحكم بما أنزل الله فإولئك هم الكافرون ، الظالمون ، الفاسقون .
عليه أن يتوجه إلى أهل العلم فيسألهم عما أشكل عليه ولم يعرفه ، فإذا فاز بذلك فلا يجوز له أن يتكلم للناس تقليدا لعالمه فإن فعل ذلك وقع أيضا في الحكم بما أنزل الله . بل ما علمته من عالمك فهو لك لا لغيرك